أظهرت دراسة أجريت في جامعة “ساوث آمبتون” البريطانية ونُشرت في دورية أبحاث الخدمات الصحية الأمريكية، أن الرسوم الكاريكاتورية “الهزلية” قد تفيد المرضى وتثقفهم وتحسّن نفسيتهم وتمكنهم من التعامل بطريقة أفضل مع أمراضهم المزمنة.
يستخدم حس الفكاهة كثيرًا مع الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة لمساعدتهم في فهم مرضهم وتفهُّم ما يحدث معهم؛ ما دفع العلماء للقيام بهذه الدراسة التي أظهرت بدورها أن الرسوم الكاريكاتورية أو الكرتونية قد وضّحت الصورة في ذهن المرضى وساعدتهم على تقبلهم للمرض، كما تعدّ هذه الطريقة غير مستغلة بالشكل المطلوب، حيث إنها تمثل مصدرًا جيدًا لتعامل المريض مع مرضه والتعايش معه بشكل إيجابي.
استخدمت الرسوم الكاريكاتورية في تثقيف المرضى سابقًا، لكن كان مصدر المعلومات الموجود في هذه الرسوم من مسؤولين متخصصين في مجال الصحة، أما دراسة جامعة “ساوث آمبتون” الحالية فقد أخذت منحى متميزًا وجديدًا عندما استوحت مضمون الرسوم الكاريكاتورية من المرضى أنفسهم. وظفت الدراسة تعليقات المرضى وآراءهم لتأليف سلسلة كرتونية كاريكاتورية توضح تجربتهم مع الأمراض المزمنة التي يعانونها ومشاكلهم ومصادر قلقهم، وجُمعت هذه الرسوم في كُتيّب أعطي للمرضى الذين يعانون أمراض الكلى المزمنة، ثم سُئل المرضى عن رأيهم حول استخدام الرسوم الكاريكاتورية وحس الدعابة من أجل تعريفهم بالمعلومات الطبية المعتادة حول المرض، كما طُلب من هؤلاء المرضى تقييم الرسوم الكرتونية.
أظهرت النتائج وجود مجموعة متباينة من ردود الفعل تجاه هذه الرسوم، ما بين الاستمتاع بها والاعتراف بتميزها أو كرهها أو اعتبارها دافعًا للمضي قدمًا، كما تلخصت النظرة العامة للرسوم الكاريكاتورية بأنها مفيدة ومثقّفة، وأن طريقتها في طرح المعلومة لطيفة ومحببة، حيث وضحت للمرضى ما يمرّون به وساعدتهم على فهم حالتهم المرضية أكثر من أي طريقة سابقة، وبناءً على ذلك قد يستخدم المسؤولون في قطاع الصحة الرسوم الكاريكاتورية لمساعدة المرضى على تقبل الأمراض التي يعانونها ويعملون على تطوير طرق التعايش معها.
أفاد القائمون على أمر الدراسة بأنه قد تشكل الرسوم الكرتونية تحديًا صعبًا، كما قد تؤدي استثارة مشاعر المرضى من خلال هذه الصور إلى مساعدتهم للاعتياد على حالتهم المرضية، ويمكن استخدامها كوسيلة لدحض المعتقدات القديمة الخاطئة عند المرضى، حيث إنه عادة ما يفهم الأشخاص كلمة “مزمن” بطريقة خاطئة على أنها الأكثر حدة، وما إلى ذلك من أمور سلبية.
تمثل ما يثبت ذلك بأن ردة الفعل الناتجة من الرسوم التي عبرت عن كلمة “مزمن” في الكُتيّب قد كانت صادمة وغريبة بعض الشيء بالنسبة لعدد من المرضى، لكنها فتحت مجالاً للحديث، وبالتالي وضحت الصورة للمرضى معنى كلمة “مزمن”.
يقول الباحثون في هذه الدراسة، إن الرسوم الكاريكاتورية التي تعتمد في مضمونها على آراء المرضى ومشاعرهم قد تشكل مصدرًا سهلاً لإيصال نصائح مهمة ومساعدة للمرضى. جدير بالذكر، أن هذه الدراسة قد فتحت الباب لمزيد من الدراسات في هذا المجال، وقد تشكل قاعدة بناء لأبحاث أخرى، كما قد تسهم هذه المعرفة في تطوير الرسوم الكاريكاتورية للتعبير عن تجارب المرضى بطريقة أفضل وتدفعهم لإيجاد طرق لتلبية احتياجاتهم المختلفة.