يعود وسواس النظافة القهري، كمثله من اضطرابات الوساوس القهرية الأخرى، إلى معاناة اضطرابات القلق والتوتر في الأساس، التي تبعث بدورها على شعور بعدم الراحة والخوف في نفسية الأفراد.
ويتخذ وسواس النظافة القهري لدى استهدافه ضحيته شكل سلوك متكرر يلجأ إليه من يعانيه حتى يخفف من وطأة التوتر والقلق الذي كان قد سقط على أثرهما ضحيته، أو قد يأتي على شكل مزيج من الهواجس والدوافع التي لا تلبث تسيطر على عقلية الفرد وتفكيره زارعة فيه المخاوف والموترات بدورها.
ويصاب الفرد بوسواس النظافة القهري إما نتيجة عامل بيولوجي كحدوث تغييرات في الجسم من الناحية الكيميائية، أو يعود إلى اختلالات في وظيفة الدماغ. وقد ينبني هذا الاضطراب أيضا على عوامل جينية، بينما قد ينشأ متأثرا بعادات ذات علاقة بالسلوك، يطورها الفرد مع مرور الوقت.
وبالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن يكون لضعف الإنتاج في”السيروتونين” دوره في تشكيل هذا المرض. في خضم أن أخذ الأدوية التي تزيد من إنتاج وفعالية هذا الناقل العصبي، تخفف بطبعها من أعراض الوسواس القهري بكل أنواعه.
وانطلاقا من مسمى “وسواس النظافة القهري” نفسه، يتمحور هذا الاضطراب في هواجس الاغتسال والتنظيف، التي ترافق الفرد على أساس يومي. وعلى صعيد متصل، تعرف طقوس الغسيل والتنظيف بأنها أكثر أعراض الوسواس القهري انتشارا وشهرة. ويمكن أن يوصف ضحايا هذا الاضطراب بأنهم يتشاركون جميعا في الانخراط في أنشطة قهرية من أجل التخلص من الملوثات حولهم، وتحديدا في منازلهم.
وينقسم الأفراد الذين يعانون وسواس الاغتسال والتنظيف القهري إلى نوعين اثنين: هؤلاء الذين يعزون إلى أن تفادي الإصابة بعدوى أو مرض ما أو حتى نشره إلى أفراد آخرين، وهؤلاء الذين يشعرون بعدم الراحة إزاء ملوثات محددة على الرغم أنهم لا يهابون ضررها.
دوافع الاغتسال القهري
ينغمس الأفراد الذين يعانون مخاوف النظافة هنا في الاغتسال بشكل مفرط للتخلص من الجراثيم، أو فقط لاستشعار النظافة. ومن هنا يلاحظ على ضحايا هذا الاضطراب انخراطهم المتكرر في نشاط غسل اليدين، الذي ينقسم بطبعه إلى طقوس عدة، فهناك من ينظف كل إصبع من أصابع يده على حدة، بينما قد تصل الأمور بالبعض إلى تنظيف ما تحت كل اظفر أيضا. ويغلب على أيادي ضحايا هذا الاضطراب أن تغدو مُحْمرة جافة ومتشققة بحيث قد تنزف على إثر ذلك أحيانا أيضا! وذلك يعود إلى كثرة الغسل والتنشيف.
ولا يتركز الأمر في ذلك وحسب، بل هناك من يفرط في استخدام معقمات اليدين، بينما يكون خارج المنزل، وهناك من كثرت ولا تزال تكثر طقوس استحمامه وغسل أسنانه المتكررة.
دوافع التنظيف القهري
يمكن لضحايا هذه النوع من اضطرابات الوسواس القهري أن يمضوا الكثير من الأوقات ينظفون ممتلكاتهم وأدوات منازلهم. وعلى صعيد متصل، يصبح المرء مهووسا بتنظيف حذائه باستمرار مثلا أو حتى بتنظيف بطاقة الائتمان خاصته، أو هاتفه النقال، أو أي شيء آخر يعتبره متسخا ويحتاج إلى تنظيف.
وبشكل عام، فقد يذهب الأفراد المعانون لهذا الاضطراب إلى أبعد الحدود كي يتجنبوا الاتساخ أو الاتصال بالجراثيم والأوساخ، بحيث قد يجدهم المرء يتلافون لمس أحذيتهم بأيديهم محاولين الدفع بكعوب الأقدام داخل الأحذية دون لبسها. وقد يصل بهم الأمر أيضا إلى أن يستخدموا المناديل لفتح الشبابيك والأبواب.
ومن منطلق آخر، يخشى بعض ضحايا النظافة المفرطة هذه إمكانية أن يضطرهم الأمر إلى مصافحة أو عناق شخص آخر، خوفا من انتقال الجراثيم إليهم.
كيفية التعامل مع وسواس النظافة القهري
يمكن للفرد منا أن يلاحظ في حال استمر في تكرار أمر ما بحيث أصبح أمرا مغايرا للطبيعة من سلوك أو من هوس تفكير، أن يضع الوسواس القهري في الحسبان كأحد الأسباب الممكنة. وفي حال أثبت الطبيب من بعد الاستشارة معاناة هذا الاضطراب يمكنك أن تلجأ إلى التالي من الأمور لتخفف منه وتتلافى تقدمه مساهما في الوقت نفسه في علاجه من جهتك.
•استشر طبيبك فورا إن شككت بمعاناتك لحال التكرار الغريبة في التصرفات.
•عليك أن تدرك في بداية الأمر أن هوسك بفعل شيء، يعتبر أمرا خارجا عن إرادتك.
•حاول أن تتعرف على الأسباب الرئيسية “من توتر وقلق وغيرها”، التي زرعت فيك السلوكيات المتكررة والمخاوف، حيث إن علاج السبب الرئيسي هو الطريق للتخلص مما يترتب عليه.
•أجبر نفسك على عدم الرضوخ لرغبتك الملحة في غسل يدك وجسمك أو تنظيف المنزل باستمرار. وهنا عليك أن تتعلم ايقاف و مقاومة(تكرار السلوك أو الفكرة الوسواسية ) حيث انه مهم جدا للتحسن من هذا الاضطراب.
•واجه مخاوفك.. عرّض نفسك للأوساخ وتفهم حقيقة أن الجراثيم والبكتريا لا محالة حولك شئت أم أبيت، وتعامل مع طبيعة العالم كما هو.
•افتخر بنفسك وزد ثقتك بذاتك لتتخلص من هذا الاضطراب.